انتصار الحب

تعالت الأصوات ...... واشتغل الصراخ .... بين الواقفين..... على شباك الوفاة.. اقصد شباك شهادة الوفاة

جاء دور الجنون ......
فقال: جعلتموني رهن الاعتقال
في مصحات ومستشفيات ... بين جدران
هي كالسجون في المعتقلات


لماذا هو لم يكن مثلي ؟؟؟؟


وجاء دور العمى....
فقال : صرت مجرد عصا بيضاء
تجوب الشوارع بحثا عمن يهديها إلى الطريق السليم ......



لماذا هو لم يكن مثلي؟؟؟؟


وجاء دور الحنان .......
فقال : غيرتم اسمي من حنان إلى غباء
في زمن طغى فيه الحقد على الوفاء ....



لماذا لم يكن هو مثلي؟؟؟؟


الكل يغار منك آيها الحب..
كنت دائما القلب الكبير الذي يستوعب الجميع بين حشاياه
فأسميناك.....
الحب المجنون ... الحب الأعمى.... الحب الحنون...
لكنهم رفضوك .. غدروك...
رفضو أن تكون بالمقدمة ... رفضو أن تجمع القلوب الضائعة
وتتحقق الأحلام الشاردة
وتريح العيون الساهرة...

لقد بدا الانقلاب........
لا تلمني ... بل عليك أن تلوم الكذب

نعم ... فهو موظف شباك الوفاة
انه يستدعيك لغرفته اذهب وقابله


هناك كانت أول مرة في تاريخ الحب يجتمع فيها الضدان : الحب والكذب

قال الكذب: كنت مجنونا أحيانا أعمى وبعض الوقت حنونا...
لكن أفراد عائلتك تخلوا عنك ..
أصبحت غريبا بينهم.
قال الحب : كنت وسأبقى المدافع عن ممالك القلوب الضائعة ....
قال الكذب : أيها الحب .. لقد أصبحت مجردا من كل المقامات...
لا هوية لك.. ولا وطن.. ولا جنسية.. ولا حتى جواز سفر
قال الحب : كل قلوب الناس جنسيتي ..
فلتسقطوا عني جواز السفر...
قال الكذب: سأعرض عليك عرضا..
ينجيك من كل هذه المآزق...
وأمنحك حق الحياة
قال الحب: أنا لا أعيش في المآزق ..
لاني الحب .. فإني سأخرج من أي مأزق مهما كان ...
يا سيدي ... أنا لا اسكن في قلبين بل في قلب واحد....
قال الكذب:لا تكن عنيدا ...
قال الحب : كنت دائما الحب العنيد
قال الكذب: كبّر عقلك .. ستندم إن لم تطع
قال الحب : أنا لا عقل لي ... إنني روح صادقة تنطق المشاعر ... وتترجم الواقع المخفي...



وفجأة ودون أي مقدمات
فإذ بالكذب يغرس سكين الكره في جسد الحب... فسالت دماه النقية بريحها العطرة


وقال الكذب : اذهب .. اذهب ولا تعد واترك هذا العالم.. أنا الأقوى وأنت لا شيء

وامتزجت سموم الكره في دماء الحب الطاهرة

وتقدم مارد الموت...
وقال : تعال معي .. لن تموت .. انت لن تموت


فلفه بالأكفان السوداء متجها به إلى مقبرة الذكريات ..
سار في جنازة مزعومة.. الجنون والعمى والحنان كانوا يبكون...
ولكن ليس على فراق الحب ... بل على أنفسهم

من سيحميهم سوى الحب؟؟
من سيهديهم إلى الصواب غير الحب؟؟؟



وعند تلك الحفرة العميقة..
هرب الجميع!!!!!
وبقي الحب ومارد الموت وحدهما..
فإذا بمارد الموت يصرخ ويقول:
انهض.. انت لم تمت ولن تموت
لن تترك القلوب حائرة..
لن تترك العيون باكية...
لن تجعل الأحلام ضائعة...
انهض...


سالت دموع الحب وقال : أنا الروح فكيف لي أن أموت .. لكني وقعت في المستحيل..
لقد دخل الكره دمي..
قال مارد الموت : ستبقى الحب .. انت الحب
قال الحب : لا بد أن ارجع .. لن اقبل بشهادة وفاة.. ليست لي .... ليست للحب


فخرج الحب ومارد الموت سويا من مقبرة الذكريات
وهكذا بقي الحب موجودا ليومنا هذا .. ومع أن طعنة سكين الكره وما لاقاه من طعنات أخرى من غدر وخيانة وخداع ونفاق بقيت موجودة في جسده..إلا أن ذلك لم يثر فيه بل بقي مملوء بالمحبة


وهكذا...
سيبقى دائما الحب النقي طاهرا
وسنحب بعيدا عن الزيف والخداع
وليعش الحب الطاهر
وليمت موظف الوفاة...
وسنحب وننسى طعنات الغدر والخيانة
سنحب بصدق
ونجمع القلوب...... وننسى تلك العيوب
نعم الحب لنا ... ولن يفارقنا